Monday, May 21, 2007

يحكى أن..، ـ

يحكى أن..، :ـ

الأسفار جمعت خياطاً ونحاتاً وولياً صالحاً..كلٌ لشأنه.ـ
وينما هم كذلك، وإذ آلت الشمس إلى مغربها، أوقفوا الترحال ،وتخيروا مكانًا للمبيت.ـ

وبعد الطعام، وبينما هم يتسامرون جلوساً حول النار ، تبادلوا العجب لتلك الشجرة اليبوس التي تحاذي مستقرهم
وكيف أن لها تكويناً شديد الشبه بجِرم إنسان ، رأى أحدهم أنها أقرب لمرأة ورأى آخر أنها للرجل أشبه بغير جزم كون الجدع تمرد على المحاكاة، بعشوائية الصدفة
ثم كان أن آووا للنوم ووقعت قرعة السهر على النار وللحراسة على النحات.ـ
فقعد يطعم النار أعواد الحطب. شرد في جدع الشجرة الذي اجتبا أنوار الأنواء.ـ
وجد نفسه رمى بالعود الذي يلاعبه في النار وقام...ليستبدل به إزميله من أمتعته.ـ

واستهل في رهبة صقل جرم الشجرة ، وجردها مما زاد وعربد من غصون وتعرجات
مراعياً أدق التفاصيل في تجسيد الجسد، فاستجاب له اللحاف كأنما ينزع عنه ما ينتمي له أصلاً.ـ

تراجعت به خطواته ، لريتعش بدنه من الأنثى السامقة أمامه، تتحم في أطياف نور النجوم.ـ

انقضى الثلث الأول من الليل ، فأيقظ الخياط إذ حان دوره ، وذكر له ما كان منه في شأن الجدع
ونام.ـ
قعد الخياط ذاهلاً لما يراه...ووجد نفسه لا يجرأ عن حد بصره على الأنثى التي إلتفّ عودها في صعود فتان.ـ
فقرر أن ينهي عمل النحات ويطفي عليها سمة الإنسانية...فقام إلى أغراضه وأخرج أدواته ,أقمشته
ولمّا ينقضي ذلك الثلث من الليل حتى كانت الفتاة ترفل في حلة من أجمل اللباس, تلفّها وتحتضن نور جمالها..فيتنفلت النور المسجون من يديها ووجهها .ـ

سارع فأيقظ الشيخ الجليل لما حان دوره وقص عليه الحكاية،لمّا رأى انذهاله وتسائله من هذه المرأة الواقفة قربنا..ولم يكد يصدق ما كان...فلم يكن يحتاج ليرى حركة منها ليصدق أنها من بني البشر.ـ
تركه الخياط يسبح بحمد الله ويستعجبه لما يتأمل ونام.ـ

فكر الشيخ الصالح أنهم سيرحلون صباحاً تاركين آية الجمال هذه وراءهم، وكأنما لمح انكسار الحزن في بصرها التي يخاطب السماء في تضرع جليل .ـ
فرفع يديه بدوره إلى السماء ..فدعى وتضرع واجتهد واخلص في المناجاة في ذلك الثلث الأخير من الليل أن
أن يكمل الله هذا التمثال الفاقد والخاوي من قوة الحياة ....بالحياة.ـ
بل أن يكمل الروح الجليلة بهذا التكوين الجميل...حيث أنها في أول الأمر لم تكن إلا خلقا لم يمسه إنسان.ـ

جرى يوقظ صحبه ..إذ لم يصدق ما رآه
ليروا معه الاستجابة تمشي على قدمين في وجل حيي، وألق بأنوار الحياة...!ـ
فستفهموا وتسائلوا...وتعجبوا ..ورفعوا الأمر لله مكبرين ..!ـ

ثم حانة لحظة الإمتلاك...فتخاصموا ..-كما ولابد أنه كائنٌ-في امتلاك هذا الملاك.ـ

فقال النحات: أنا من قوم اعوجاجها ..وصقل اطرافها ..وبدا في هذا الأمر أنا الأولى بهاـ.

وقال الخياط: أنا من أكمل عليها حلة الأنسانية .وضرب الفرق بينها وبين أي منحوثة عارية ..أنا الأولى بها.ـ

وقال الشيخ :كل هذا بلا فائدة..وبه كان صنم أصم...فبدعواتي بعث فيها سبب الحياة ...وانفجر فيها الق الوجود أنا أولى بها.ـ

......
وأنت –مولاي- القارئ...ما رأيك؟ ..من أولاهم بها..؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حكاية أدركتها قديماً صغيراً.ـ
ليس لي فيها الآن إلا القالب الذي تخيرته لقصها.ـ
مجتنبا قدر الإمكان أن أجردها مني ..ـ